الموت في زنزانة “الديمقراطية”! فلاح المشعل

شبكة نبض الحدث الاخبارية :
كان الحلم أن نسترد حياتنا من رهان الحروب والخوف والحصارات، ننظر إلى الصنم برهبة ونرتجف، لا أمل في الاستيقاظ من هذا الكابوس المظلم، وتجرعنا وصمة العار، ونحن نستعير ذراع المحتل الأمريكي ليسقط لنا الصنم!
كم شتمنا ولعنّا تلك الذراع “المنقذ”، عدونا الأيديولوجي، ورحنا نقبل يده ونهديه سيف ذو الفقار، بعد أن عجزت سيوفنا الخشبية من إحداث جرح في ذلك الصنم المنتصب منذ نصف قرن!
إنه موسم الديمقراطية الذي جاء به المحتل، المحرر الصديق، والعدو لاحقا، جاءنا بالديمقراطية وأزهرت الأحلام بعد جدب وجفاف، ونصف قرن من الوجع وصخب الهتاف و” چلاليق” الحكومات و”كيبلات” الأمن العام، وكهرباء غرف التعذيب في الشعبة الخامسة، وثمة خمسائة مقبرة جماعية وأكثر وضرط وزانها وضاع الحساب!
مجيء المنقذ كان يستدعي انتشار آلاف القتلى، كنت أراهم في شارع المطار وساحة أم الطبول، أليست هي الحرب، ولكل شيء ثمن، ولكل أجل كتاب، وبدأت جدولة المقابر المستترة والمكشوفة، الفرصة التاريخية للكلاب الجائعة والخائفة!
رقصنا وزغردنا، ولم ندرك ماذا تخبئ لنا الديمقراطية من مهرجانات “السعادة” التي تنسجها لنا الأفكار الراشحة من رؤوس الأفندية والعمائم القادمة من خلف البحار!
وابتدأ المشوار، فذاك الصنم الذي سقط قد تشظى إلى آلاف من الشظايا التي عادت إلى الحياة بأصنام جديدة مرنة، لكنها مقدسة هذه المرة، وتم استئناف تلك الحروب التي توقفت قبل ألف عام، بل استدعاء الماضي كله ليشكل ثيمة الحاضر والمستقبل، ارجعوا إلى دينكم ورائحة الأباعر واتركوا النستلة، وعاد القتل على الهوية مشهدا يومياً، وتزاحم مشوب بحذر في دائرة الطب العدلي، ومن يشتهي أن يمارس القتل تفتح له جميع ساحات الوطن!
صارت الديمقراطية تعني أحزاباً طائفية وعنصرية تسيطر على السلطة والمال والنفوذ، لم تكتف بهذا وحسب، بل سعت إلى تلويث كل نظيف وطاهر، قتلت روح الإحساس بالوطن، شنت الحروب على كل ما هو نقي،وطني، معتدل !
أطلقت الفساد بكل صنوفه وأنماطه وأساليبه الوسخة، فهذا الذي يقتل في مركز الشرطة، لم يعد حدثا يدعو للحزن، كن مهندسا لكي يعرف الرأي العام بشاعة طريقة قتلك، وكن إعلاميا ليختفي قاتلك ويمنح البراءة ورتبة أعلى، ولا عجب فهناك 800 شاب قتلوا أمام الرأي العام، في ساحة التحرير ببغداد وبقية ساحات مدن العراق، وفوق جسر النصر في الناصرية كانت الاجساد نائمة قبل قتلها قبيل الفجر، وثمة عشرون ألف شاب فقدوا أجزاءً من أجسامهم، ولم يرف طرفا للحكومة “الديمقراطية “، وسبقتهم مواكب من علماء وأطباء وكفاءات الوطن قتلوا بدم بارد ووصايا الإله الأرضي، عطايا لن تتوقف في العهد الديمقراطي وإطلاق حرية السلاح الفوضوي، صار الشرطي يمارس السلطة وحبوب “الكبسلة” في وقت واحد، والسجون مراكز تجارية للكرستال وتجارة ” الحلوين “، والجميع مطالب بالامتثال للحكمة التي قالها المسيح، إذا صفعك “الضابط أو الشرطي، أو حماية النائب أو الوزير على خدك الأيمن فأعط له خدك الأيسر”!
موت يصطاد الناس في مراكز الشرطة لتؤكد أنها في خدمة الشعب، وزنزانة الديمقراطية تتيح حرية الدخول لمن يملك النفوذ، والدولار والطرف الثالث والرابع، وجيوش الدوثراكية حتى آخر شيطان في هذا الوباء – السياسي والشرطي الذي صار يرتدي الجميع!
الزمن الديمقراطي أصبح أشبه ب “جيثوم ” لا تعرف متى الخلاص منه، لقد انتزعوا منا الحلم والأمل والشعور بالحياة، بعد أن سرقوا ثروات البلاد وحقوق الشعب والمستقبل كله، بلاد أشبه بزنزانة يتهتك فيها العقل والحكمة، كرامة الإنسان تصبح خرقة مسح لقاذورات النظام السياسي، والقادم أخطر !