اراء ومقالات

الاستعصاء السياسي السوري…د.قيس جرجس

شبكة نبض الحدث الاخبارية:…الاستعصاء السياسي السوري والانتحار الثقافي الطائفي المذهبي والاختناق الاجتماعي الاقتصادي…

في ظل هذا الواقع المأساوي الذي يتحمل مسؤوليته النظام السابق من تدمير كل مقومات القوة للدولة وتدمير المناعة الوطنية الذاتية للمجتمع ومن ترك البلاد لبديل إسلامي متطرف…
هذا الواقع الموروث المقسوم سياسيا وثقافيا على أساس طائفي وعرقي تتمترس خلفه الفلول من كل المكونات، إضافة لفشل السلطة البديلة في أخذ الجميع بما فيه الفصائل المحسوبة عليها إلى رحاب الدولة الجامعة من خلال تفلّت وتمرّد الفصائل الإسلامية المتطرفة وارتكابها المجازر بحق المدنيين على أساس طائفي تكفيري ديني انتقاما وثأرا وعجز السلطة على ضبطها وتجريدها من السلاح حتى الآن، كل ذلك يحمّل السلطة البديلة مسؤولية كبرى فيما إذا نجحت المشاريع السياسية الانفصالية المطروحة جميعها…
ولا بد من التمييز بين طلب الحماية من قبل المستهدفين كصرخة محقة تعبّر عن خوفهم ولا تنجدهم السلطة الحاكمة، وعن طلب الحماية والتقسيم كمشروع سياسي يستثمر في الخوف والدم والمعاناة، وتعمل له طبقة من بعض السياسيين والمثقفين ورجال الدين وله ارتباط بأجندة دولة خارجية لها مصلحة في ذلك…
من المضحك المبكي أن تبحث كل طائفة عن المناطق التي تجد فيها أنها أكثرية حتى ترسم خريطة كيان ودولة تشبه خريطة السندباد في البحث عن كنز وتقول هذه دولتي دون العودة للمكونات الأخرى الموجودة فيها وتعِدُ الجميع أنها ستقيم دولة ديمقراطية علمانية…
إذا كان مسوّغ وجود الدولة طائفي فكيف ستكون علمانية وكيف ستكون لا استبدادية ولا تقصي كل المكونات الأخرى وتتهمها بالعمالة لدول طوائفها، وكيف ستكون مستقلة وهي تحتاج دعم دولة خارجية لقيام واستمرار وجودها…
كيف سيتم انجاز مشروع أربع دول غير معلومة الحدود وغير متفق على حدودها وكلها ستقوم على الطائفية السياسية التي تزدهر فيها العائلية السياسية وثقافة الخوف من الآخر…
من يضمن أنها لن تتبادل المجازر والإبادة والإقصاء والتخوين والتكفير خاصة الدول الراعية لها تتصارع بينها…
بين أربع كانتونات وأربع دول خارجية (تركيا، أميركا، إيران، إسرائيل) ستدور رحى الصراع بكل أشكاله…
وكلنا نعلم ماذا فعلت الدول التي أتت لتحمي الأسد أو لتحمي المعارضة كيف تركتهم يقتلون بعضهم إلى النفس الأخير…
وحتى نصل إلى ذلك كم سيكون الطريق مكلفا من المجازر والحروب…
لماذا لا تتوحد كل المكونات بما فيها المكون السني التي ترفض قيام دولة إسلامية للوقوف في وجه الفصائل الإسلامية المتطرفة والمشاريع التقسيمية معا على أساس سوريا للسوريين دولة وطنية جامعة ولا تسلّم سلاحها إلا لجيش وطني من كل المكونات…
ولا ضير أن تطلب هذه المكونات رعاية الدول العربية وعلى رأسها السعودية التي لا تقبل بدولة إسلامية ولا تقبل إلا بسوريا موحدة وهي خارج صراع الدول الأربعة على سوريا…
ولتأتي منظمات حقوق الإنسان للمراقبة كضمان أكثر أمنا للسلم الأهلي وتحديد المهدد له من قبل الفلول والفصائل…
فنحن بهذا الموقف نستطيع أن نضع حدا للمشروع الجهادي الإسلامي ومن يقف معه وحدا للمشروع الانفصالي…
في كل طائفة هناك فلول والحرب معها ليس سهلا ولابد من توحّد تيار الدولة السورية المدنية الواحدة في كل الطوائف لإفشال فلولها في أخذ البلاد إلى الانتحار…
كما أن المحاصصة الطائفية وتشريعها دستوريا تنتج دولة فاشلة من ناحية السيادة وبدل أن يكون مركزا واحدا للدولة كالجيش الوطني سيكون للدولة أربع مراكز خارجية فلكل طائفة وحزبية دينية مرجعية سياسية خارجية، ولنا في لبنان والعراق مثالان على ذلك، حيث من السهولة اختراق المجتمع وإقامة دولا مسلحة ضمن الدولة وفق الطائفة الأقوى والدولة الداعمة لها…
وهذا المشروع هو ما يناسب كل الدول لضمان مصالحها من خلال التدخل المباشر وغير المباشر بها كما يناسب مصلحة الكيان الصهيوني في إقامة كانتونات متقاتلة تشبهه وتضمن وجوده مهيمنا مسيطرا لعقود كما ضمنت سايكس بيكو تنفيذ وعد بلفور من خلال تقسيم الهلال الخصيب…
ولأن الإنسان أولا ولأن حياة الناس أولا وحفظا لدمائنا ودماء أولادنا أولا ليس لنا من خيار أفضل من أن نواجه ذلك المشروع الإسلامي الجهادي السياسي والتقسيمي بالوحدة مهما كانت التحديات…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى